تااابع
خامساً : النقود :
تعتبر النقود من المسائل الهامة ذات الصلة بالمشكلة الاقتصادية
وقد أدى استخدام النقود إلى تسهيل المبادلات بإحلال التبادل غير المباشر
محل التبادل المباشر أو المقايضة. فالنقود أدت إلى زيادة مرونة الصفقات
الاقتصادية ولكن النقود ليست سلعة تبادل فقط، وذلك لما لها من منفعة خاصة
تتمثل في كونها هي السيولة في ذاتها. فكل فرد تتكون ثروته من سلع حقيقية
عقارية (كالأرض والعمارات) أو من صكوك (مثل أسهم الشركات وسنداتها وصكوك
الدولة) عليه أن يحولها إلى مال سائل (نقود) إذا أراد سلعة دون حاجة إلى
سلعة أخرى.
أما النقود فيمكن استخدامها لشراء أي سلعة دون حاجة إلى أي عملية
تحويل. فالنقود تعطى إذن لصاحبها خدمات خاصة أهمها الاحتياط للمخاطر غير
المتوقعة، وشراء السلع والصكوك التي يفضلها في ضوء التغيرات التي تطرأ على
الأسعار .والنقود إما أن تكون نقوداً معدنية أو أوراق بنكنوت، وإما أن
تكون شيكات أو تحويلات بين الحسابات في البنوك أو صناديق التوفير. فالنقود
تشمل مجموعة وسائل الدفع المستخدمة سواء عن طريق النقل المادي من يد إلى
يد أو عن طريق التحويل الحسابي.
سادساً : الاستهلاك:
الاستهلاك هو العملية التي بها تشبع الحاجات الاقتصادية والذي
يأخذ صورة إنهاء السلعة أو الخدمة واستنفاذ ما فيها من منفعة. فالخبز
يستهلك بأكله ليخفف إحساسنا بالجوع. والمشهد المسرحي يستهلك عندما ينتهي
بإشباع الرغبة في التسلية، والسيارة، وهى سلعة استهلاكية معمرة، يجب أن
تستبدل بها سيارة أخرى عندما تقطع عدداً معيناً من آلاف الكيلومترات.
وبالإضافة إلى سلع الاستهلاك المعمرة أو غير المعمرة المخصصة
للإشباع عن طريق استنفاذ ما فيها من منفعة، توجد سلع المتعة كاللوحات
والتحف، وهى بطبيعتها سلع دائمة تساهم في إشباع جانب من حاجات الإنسان.
[center] المحاضرة الثالثة
ظهور النظام الاشتراكي وخصائصه
أولاً: ظهور النظام الاشتراكي:
إذا كان يؤرخ للنظام الرأسمالي بقيام الثورة الصناعية، والتي تغطى
الفترة (1780 – 1820)، فقد سبق النظام الرأسمالي في الظهور أحد أهم عناصر
النظام الاقتصادي ، ونعني به المذهب الفكري وذلك من خلال أفكار وتنبؤات
بعض رجال الفكر، والذي كان من أهمهم العالم الاقتصادي الإنجليزي آدم
سميث، والذي ظهر في كتابة الشهير " ثروة الأمم " والصادر عام 1776. وبعد
سنوات من تطبيق النظام الرأسمالي في بلدان أوروبا الغربية والولايات
المتحدة الأمريكية، تعرض الإطار الإنتاجي الجديد لهجوم شديد، وانتقادات
لاذعة من جانب اقتصاديين ألمان وفرنسيين وأمريكيين، ففي بلدانهم كانت
الأحوال الاقتصادية، أو الطروح الفلسفية، أو التعليقات الشخصية، تذكر
الحقائق العظيمة النابعة من المسرح الاقتصادي البريطاني، واعتقادهم أن
النظام الرأسمالي أو النظام الكلاسيكي أو نظام اقتصاد السوق كان بريطانيا
أكثر مما ينبغي، وذلك بالنظر إلى أن بريطانيا كانت هي القوى الاقتصادية
السائدة في العالم طوال القرن التاسع عشر، ومن ثم كان علم الاقتصاد في
أغلبه ذا هوية بريطانية. ولكن كان الهجوم الكبير من جانب اقتصاديين أصبح
يطلق عليهم اسم الاشتراكيين، وهم الذين تشككوا في سلامة القوة والدوافع
والسلوك التي ارتبطت بالحيازة الخاصة للممتلكات، والسعي إلى إحراز
الثروة. * وقد وجد هؤلاء الاقتصاديون، وفي السنوات الوسطي من القرن
التاسع عشر لانتقاداتهم وهجومهم، الجذور في التراث الكلاسيكي نفسه، وذلك *
انطلاقا من فكرة أن القيمة تجد أساسها في العمل والتي نادى بها ريكاردو،
وفكرة فائض القيمة الذي يستولي عليه الرأسمالي بطريقة خادعة، والرأي
القائل بأن كل الحصيلة من البضائع إنما تخص الأيدي العاملة التي تنتجها.
وعلى الرغم من كثرة الكتاب الذي انتقدوا وهاجموا النظام الرأسمالي،
إلا أن هناك شخصية قد دفعتهم إلى الظل، وهى شخصية الألماني كارل ماركس
(1818- 1883). وقد وصلت شهرته على المسرح الاقتصادي والتاريخي إلى درجة أن
نعت المرء بأنه ماركسياً في الدول الصناعية الغربية، وخصوصاً الولايات
المتحدة الأمريكية، فذلك يفيد استبعاده من الخطاب الراقي المحترم، ودمغه
بعار شديد. وقد تأثر كارل ماركس فكرياً بالفيلسوف الألماني هيجل، ومن ثم
كان مهيئاً لرفض التراث الكلاسيكي أو مفترضات النظام الرأسمالي التقليدي
والحديث.
فالاقتصاديون الرأسماليون يفترضون وجود توازن بين القوى المختلفة، لدرجة
أن أصبح يسمي باقتصاد التوازن، والذي يقوم على أساس أن العلاقة الأساسية
بين صاحب العمل والعامل، وبين الأرض ورأس المال والعمل، وهي العلاقة التي
لا يمكن أن تتغير ** أبداً، وإن حدث تغيير في المعروض من الأيدي العاملة
أو من رأس المال، وهذا التغيير لا يؤدى إلا إلى توازن جديد ومماثل . وبحث
وتحديد هذا التوازن النهائي هو جوهر علم الاقتصاد السياسي. كما أن من
أساسيات النظام الاقتصادي التقليدي والحديث هو وجود قاعدة ثابتة لا تتغير،
أيا كانت الاضطرابات أو الأزمات التي يتعرض لها النظام، وأن علم
الاقتصاد يبحث ويثقل المعرفة بالمؤسسات الرئيسية والعلاقات الجوهرية
الدائمة والباقية.
وكان والد كارل ماركس من أكبر المحامين في ترييه بألمانيا، والذي
كان مرتبطاً بالمحكمة العليا. كما أن أسرة كارل ماركس من أصول أسرة
يهودية عريقة، إلا أن والده، ومنذ مولد كارل ماركس، قد تحول إلى المذهب
البروتستانتي. ويقال أن هذا التحول لم يكن راجعاً إلى عقيدة روحية، بل كان
لأغراض سياسية، حيث لم يكن من السهل على والد كارل ماركس وهو في منصبه
الرسمي في بروسيا أن يكون يهودياً. من جهة أخرى، تزوج كارل ماركس من جيني
فون فشتفالن ابنه البارون لودفيج فون فشتفالن، المواطن الأول في المدينة،
وكان ذلك تمشياً مع المكانة الاجتماعية المرموقة لكارل ماركس. وهكذا لم
تكن نشأة كارل ماركس، مؤسس الفكر الشيوعي، توحي بانشقاقه الثوري العنيد.
من جهة ثانية، وقع كارل ماركس تحت تأثير جورج فلهلم فريدريك هيجل
(1770- 1831)، ومن الفكر اليهجلي جاءت فكرة على أكبر قدر من الأهمية، وهى
أن الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية تكون دائماً في حال تحول
مستمر. وعندما يبرز كيان اجتماعي أو طبقة اجتماعية وتحتل الموقع الأول
اجتماعياً، لا تلبث أن يظهر كيان أو طبقة اجتماعية وقوة جديدة تنافسها
وتتحداها. والمثال البارز لهذه الفكرة، هو بروز طبقة الرأسماليون أو
الصناعيون الجديد مكان الطبقة الحاكمة القديمة، وهى مالكو الأرض. ولم يكن
الأمر يحتاج إلى جهود لرؤية أن الصناعيين الجدد أو البرجوازية الجديدة،
بعد أن تحدت الطبقة الاجتماعية السابقة عليها وهى الأرستقراطيين أو ملاك
الأراضي بالقدر الكافي وأنشأت تركيباً جديداً، سوف تتعرض بدورها لتحد
كيان اجتماعي جديد وهو طبقة العمال.
من جهة ثالثة، إذا كانت فلسفة المذهب الفردي أو فلسفة النظام
الرأسمالي تطلق، في أحد جوانبها، من أن الدولة إنما توجد من أجل الفرد،
نجد لكارل ماركس فلسفة أو فكر جديد مخالف، وهو نفس فكر الألماني جورج
فريدريك ليست (1789 – 1846)، وهى أن الفرد يوجد من أجل الدولة. فالدولة
هي التي تمنحه الحماية و إمكانية الوجود بشكل متحضر ومستمر، ومن هنا
فالدولة يجب أن تتقدم وأن يكون لها الدور الأسمى.
وقد رفض ماركس مهتدياً بهيجل، الافتراضات الأساسية للاقتصاد
الرأسمالي التقليدي والحديث، فالتوازن ليس هو النهاية، وإنما هو مجرد حدث
في تغير أكبر كثيراً، يؤدى إلى تغيير كامل العلاقة بين رأس المال
والعمل. كما أن المؤسسات الاقتصادية، ونقابات العمال، والشركات، والمظاهر
الاقتصادية للدولة وسياستها. كل ذلك في تغيير مستمر وفي حالة حركة، وأن
صراع الطبقات هو مصدر هذه الحركة.
وقد أصدر كارل ماركس، بالتعاون مع صديقة الألماني أيضاً فريدريك
انجلز (1820 – 1895) أشهر منشور سياسي، والذي قوبل بأكبر قدر من الاعتراض
والتنديد وهو البيان الشيوعي الذي خاطب السخط الواسع النطاق الذي عبرت
عنه الحركات الثورية للعام 1848. وقد تبع ذلك إصدار المجلد الأول من
كتابه " رأس المال " الذي راجعه وأعده للطبع صديقه انجلز، وصدر في حياة
كارل ماركس، ثم اعتمد انجلز بعد ذلك على المذكرات وأجزاء من المخطوطة
لاستكمال ونشر الجزأين الأخيرين من " رأس المال" بعد وفاة كارل ماركس.
وفي كتابة " رأس المال "، أشار ماركس إلى إنجازات النظام الرأسمالي
في مجال الإنتاج، وأشاد بها، وذكر أن النظام الرأسمالي، وفي فترة لم
تتجاوز المائة عام حقق قدراً أكبر وأضخم من كل الأجيال السابقة مجتمعة.
كما أشار إلى إنجازات أخرى للرأسمالية، وإن كانت فرعية كخلق المدن
الجديدة وزيادة سكان الحضر زيادة كبيرة بالقياس لسكان الريف علاوة على
الأسعار الرخيصة للسلع والمنتجات. ولكن بعد هذه الإشارة المقتضبة لمنجزات
الإطار الإنتاجي الجديد أو الرأسمالية، وجه ماركس سهامه نحو جوانب الضعف
في الرأسمالية والتي أجملها في أربعة عيوب أو مشكلات رئيسية، وهى:
1) التوزيع غير المتكافئ في السلطة :
ذهب ماركس إلى أن السلطة لا مهرب منها في الحياة الاقتصادية، ومصدر
هذه السلطة هي الملكية الخاصة، وبالتالي فالسلطة هي ملكية طبيعية وحتمية
للرأسمالي. وأن سلطة الرأسمالي * لا تقتصر على مشروعه، بل تمتد إلى
المجتمع والدولة. فالجهاز الإداري في الدولة ما هو إلا لجنة لإدارة
الشئون المشتركة للبرجوازية الحاكمة، ويضيف ماركس بأن هذه السلطة
الرأسمالية تمتد لتشمل الاقتصاديين، ومن ثم يخضع علم الاقتصاد
والاقتصاديون لنفوذ سلطة الرأسمالي.
2) التوزيع غير المتكافئ في الدخل :
إن الفروق الهائلة في توزيع الدخل، كانت محل ملاحظات الاقتصاديين
التقليديين أنفسهم. وقد قالوا بمبررات لم تكن كافية وقوية لهذا التفاوت.
وقد وجد ماركس تبريراً، من جهة نظره ونظر أنصاره والتي وجد مصدرها في
نظرية ريكاردو " العمل في القيمة ". فقد رأى ماركس أن العامل الحدي يحصل
على مقابل أو على أجر يعكس إسهامه المضاف في مجموع إيرادات المشروع.
ويتناقص هذا الإسهام، وفقاً لقانون الغلة المتناقصة مع إضافة عمال جدد.
والأجر الحدي يقرر الأجر للجميع . ولكن من هم بعيدون عن الحد يحصلون على
الأجر الحدي على الرغم من أنهم يساهمون في المكاسب بأكثر مما يحصلون عليه
من أجر، وربما بأكثر منه كثيراً. وإنهم في المراحل قبل الحدية من
العائدات المتناقصة يحققون فائدة أكبر وهذه هي القيمة المضافة أو فائض
القيمة، والتي لا يحصل عليها من يحققها أو يحققونها، بل يستولي عليها
وبطريقة خادعة الرأسمالي.
فإذا كانت هناك قوانين لإنتاج تفرضها الطبيعة مثل قانون الغلة
المتناقصة، فإن قوانين التوزيع قد فرضها الإنسان، وليس هناك ما يجبر
العمال على الخضوع لمثل هذا الترتيب الإنساني.
3) الأزمات المتلاحقة للنظام الرأسمالي :
لا يمثل فقط التوزيع غير المتكافئ في السلطة، ولا التوزيع غير
المتكافئ في الدخل، عيوب الرأسمالية، بل يهدد بقاء النظام الرأسمالي كذلك
الاتجاه إلى الكساد والبطالة. فقد شهد ويشهد النظام الرأسمالي وجود دورة
اقتصادية أشبه بالموجة تسبب اختلالاً. وقد نظر الاقتصاديون الرأسماليون
الأوائل، من أمثال جانب باتسيت ساى، دافيد ريكاردو إلى هذه الموجات بأنها
أمر مؤقت لا تغير الأوضاع الأساسية، كما حلل جون مانيارد كينز هذه
الدورات أو الأزمات بفكر جديد يخالف قانون ساى، وهو وجوب تدخل الدول لخلق
أو تنشيط الطلب الكلي أو الطلب الفعال.
ومع الكساد الكبير وما سببه من تعاسة وشقاء، أي الإخفاق الذريع
للنظام الرأسمالي، كان النموذج السوفيتي أو الاشتراكية أو الشيوعية هو
البديل الواضح والمتاح والممكن. إلا أن ممارسات النظام الحاكم في الاتحاد
السوفيتي للسلطة، لاسيما في عهد جوزيف فيساريو نوفيتش ستالين، كانت
بمنزلة آفة في كل أرجاء العالم على كلمة الشيوعية أو الاشتراكية نفسها.
كما كانت مصدر متاعب جسيمة في سنوات الخمسينات، والتي شهدت الملاحقة
الشرسة للمواليين * للشيوعيين، ولمن سموا بـ " الحمر " والتي دعا إليها
جوزيف ريموند مكارثى، ولهذا عرفت هذه الحملة أو الملاحقة للمواليين
للشيوعية "بالمكارثية" والتي تميزت بأخذ الناس بالشبهة والشائعة.
4) الاحتكار:
لم يقتصر الأمر على نقاط الضعف السابقة، التي ألمت وتلم بالنظام
الرأسمالي، بل يوجد نقطة ضعف أخرى أشار إليها كارل ماركس، وهى الاحتكار.
وعلى الرغم من أن أنصار النظام الرأسمالي يعترفون بها، إلا أنهم يرونها
استثناء من القاعدة الحاكمة للسوق، وهى التنافس، ومن ثم فالاحتكار لا يمثل
خطراً على النظام في جملته. غيران ماركس يرى المسألة من وجهة نظر أخرى،
فازدياد النشاط الاقتصادي في أيدي فئة قليلة من الرأسماليين، هو اتجاه
قوى ومستمر. وهكذا يرى كارل ماركس أن النظام الاقتصادي الرأسمالي الذي
أشاد به الاقتصاديين الكلاسيك، وبسبب نقاط الضعف المذكورة آنفاً، سيصل
إلى نهايته، كما كان يعتقد ماركس في مجال آخر، أن الدولة بعد استيلاء
الطبقة العاملة أو البروليتاريا عليها، سوف تختفي في نهاية الأمر. وهو
قول لم يصدق، بل احتفظت الدولة الحديثة بقوتها في ظل تطبيقها للنظام
الاشتراكي، كما حدث في الاتحاد السوفيتي (الذي شهد أول تطبيق للفكر
الاشتراكي عام 1917) والصين وبلدان وسط شرق أوروبا ودول أخرى. بل قد فشل
النظام الاشتراكي وتفكك الاتحاد السوفيتي سياسيا وتحوله إلى جمهوريات
مستقلة، تسعى، وبخطي حثيثة، ومعها دول شرق أوروبا وبقية بلدان العالم
تقريبا نحو العودة إلى النظام الرأسمالي.
ثانياً : الخصائص العامة للنظام الاشتراكي :
كانت روح النظام الاشتراكي تتمثل في التخلص من سوء التوزيع
الاقتصادي والاجتماعي للرأسمالية وتحقيق عدالة تتطلب إحلال الملكية
العامة محل الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج.
فالنظام الاشتراكي يقوم على مبدأ عام هو إلغاء الملكية الفردية
للموارد الاقتصادية وأدوات الإنتاج، حيث يجب أن تتملك الدولة هذه الموارد
والأدوات. فالملكية العامة تشمل ملكية الدولة لمصادر الثروة الطبيعية
وللمشروعات الصناعية والتجارية ولمشروعات النقل والمصارف وللمشروعات
الزراعية. ولا يخل بمبدأ الملكية العامة إنابة السلطة المركزية لبعض
الهيئات العامة لإدارة بعض المشروعات أو تملك بعض أدوات الإنتاج وفقاً
للخطة الاقتصادية العامة.
ولا يعني ذلك أن الملكية الخاصة محرمة تحريما مطلقا في النظام
الاشتراكي، فالملكية الخاصة نظام طبيعي بالنسبة لأموال الاستهلاك حيث لا
يستطيع الفرد أن يستهلك شيئاً قبل أن يتملكه ويكون له حرية التصرف فيه،
لذلك يسلم النظام الاشتراكي بالملكية الخاصة لسلع الاستهلاك.
فالأفراد يملكون ما يحصلون عليه من دخول كما يملكون ما يكونونه من مدخرات
بشرط ألا تتحول هذه المدخرات إلى رؤوس أموال عينية. ويسمح بالملكية
الخاصة للمساكن والحدائق المحيطة بها والأموال التي تخصص لاستعمال
أصحابها وتنتقل هذه الأشياء إلى الورثة. ولا يعتبر تملك مل هذه الأموال
ملكية خاصة استثناء من مبدأ الملكية العامة لوسائل الإنتاج لأنها أموال
مخصصة لإشباع الحاجات الذاتية لأصحابها وليست مخصصة للإنتاج، ومع ذلك كان
من الممكن تملك بعض المشروعات الزراعية ملكية خاصة دون استغلال للغير.
ويؤدى إلغاء الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج إلى تقريب الفوارق بين
الطبقات واختفاء طبقة الرأسماليين والملاك الزراعيين. ففي المجتمع
الاشتراكي يتقاضى الأفراد أجوراً نظير خدماتهم وجهودهم، ويصبح الجهد
المبذول في الإنتاج هو أساس التفرقة في مستوى المعيشة بين الأفراد، وتختفي
بذلك الطبقة التي تحصل على دخل دون أن تساهم في الإنتاج بالعمل.