التضخــم
1- تعريف:
يعتبر
التضخم من أكبر الاصطلاحات الاقتصادية شيوعاً غير أنه على الرغم من
شيوعاستخدام هذا المصطلح فإنه لا يوجد اتفاق بين الاقتصاديين بشأن تعريفه
ويرجع ذلك إلىانقسام الرأي حول تحديد مفهوم التضخم حيث يستخدم هذا الاصطلاح
لوصف عدد من الحالاتالمختلفة يمكن أن نختار منها الحالات التالية:
- الارتفاع المفرط في المستوىالعام للأسعار.
- ارتفاع الدخول النقدية أو عنصر من عناصر الدخل النقدي مثلالأجور أو الأرباح
- ارتفاع التكاليف
- الإفراط في خلق الأرصدةالنقدية
وليس
من الضروري أن تتحرك هذه الظواهر المختلفة في اتجاه واحد في وقتواحد...
بمعنى أنه من الممكن أن يحدث ارتفاع في الأسعار دون أن يصحبه ارتفاع
فيالدخل النقدي... كما أن من الممكن أن يحدث ارتفاع في التكاليف دون أن
يصحبه ارتفاعفي الأرباح... ومن المحتمل أن يحدث إفراط في خلق النقود دون أن
يصحبه ارتفاع فيالأسعار أو الدخول النقدية. وبعبارة أخرى فإن الظواهر
المختلفة التي يمكن أن يطلقعلى كل منها " التضخم " هي ظواهر مستقلة عن
بعضها بعضاً إلى حد ما وهذا الاستقلالهو الذي يثير الإرباك في تحديد مفهوم
التضخم.
ويميز اصطلاح التضخم بالظاهرة التييطلق عليها وبذلك تتكون مجموعة من الاصطلاحات وتشمل:
- تضخم الأسعار: أيالارتفاع المفرط في الأسعار.
- تضخم الدخل: أي ارتفاع الدخول النقدية مثل تضخمالأجور وتضخم الأرباح.
-تضخم التكاليف: أي ارتفاع التكاليف.
- التضخمالنقدي: أي الإفراط في خلق الأرصدة النقدية.
ومن
هنا يرى بعض الكتاب أنه عندمايستخدم تعبير التضخم دون تمييز الحالة التي
يطلق عليها فإن المقصود بهذا الاصطلاحيكون تضخم الأسعار وذلك لأن الارتفاع
المفرط في الأسعار هو المعنى الذي ينصرف إليهالذهن مباشرة عندما يذكر
اصطلاح التضخم.
2- أنواع التضخم:
أ-التضخم الأصيل: يتحقق هذا
النوع من التضخم حين لايقابل الزيادة في الطلب الكلي زيادة في معدّلات
الإنتاج مما ينعكس أثره في ارتفاعالأسعار.
ب- التضخم الزاحف: يتسم هذا النوع من أنواع التضخم بارتفاع بطيء فيالأسعار.
ج-
التضخم المكبوت: وهي حالة يتم خلالها منع الأسعار من الارتفاع منخلال
سياسات تتمثل بوضع ضوابط وقيود تحول دون اتفاق كلي وارتفاعالأسعار.
د-
التضخم المفرط: وهي حالة ارتفاع معدلات التضخم بمعدلات عالية يترافقمعها
سرعة في تداول النقد في السوق، وقد يؤدي هذا النوع من التضخم إلى
انهيارالعملة الوطنية، كما حصل في كل من ألمانيا خلال عامي 1921 و1923 وفي
هنغاريا عام1945بعد الحرب العالمية الثانية.
3- أسباب نشوء التضخم:
ينشأ التضخم بفعل عواملاقتصادية مختلفة ومن أبرز هذه الأسباب:
أ-
تضخم ناشئ عن التكاليف: ينشأ هذاالنوع من التضخم بسبب ارتفاع التكاليف
التشغيلية في الشركات الصناعية أو غيرالصناعية، كمساهمة إدارات الشركات في
رفع رواتب وأجور منتسبيها من العاملين ولاسيماالذين يعملون في المواقع
الإنتاجية والذي يأتي بسبب مطالبة العاملين برفعالأجور.
ب- تضخم ناشئ عن
الطلب: ينشأ هذا النوع من التضخم عن زيادة حجم الطلبالنقدي والذي يصاحبه
عرض ثابت من السلع والخدمات، إذ أن ارتفاع الطلب الكلي لاتقابله زيادة في
الإنتاج. مما يؤدي إلى إرتفاع الأسعار.
ج- تضخم حاصل من تغييراتكلية في
تركيب الطلب الكلي في الإقتصاد حتى لو كان هذا الطلب مفرطاً أو لم يكن
هناكتركز اقتصادي إذ أن الأسعار تكون قابلة للارتفاع وغير قابلة للانخفاض
رغم انخفاضالطلب .
د- تضخم ناشئ عن ممارسة الحصار الاقتصادي تجاه دول
أخرى، تمارس من قبلقوى خارجية، كما يحصل للعراق وكوبا ولذلك ينعدم
الاستيراد والتصدير في حالة الحصارالكلي مما يؤدي إلى ارتفاع معدلات التضخم
وبالتالي انخفاض قيمة العملة الوطنيةوارتفاع الأسعار بمعدلات غير معقولة.
4- العلاقة بين التضخم وسعر الصرف:
تعدأسعار
الصرف الموازية لأسعار الصرف الرسمية واحداً من المؤشرات الإقتصادية
والماليةالمعبرة عن متانة الإقتصاد لأية دولة سواء أكانت من الدول المتقدمة
أم الدولالنامية، وتتأثر أسعار الصرف بعوامل سياسية وإقتصادية متعددة، ومن
بين هذه العواملالإقتصادية، التضخم، ومعدلات أسعار الفائدة السائدة في
السوق، اللذان يعكسان أثرهمافي سعر الصرف للعملة الوطنية في السوق الموازية
لسعر الصرف الرسميالوطني.
5- العلاقة بين التضخم وإصدار العملات:
أ-أسعار الصرف:
تمثلأسعار
الصرف علاقة التحويل بين العملات, ويعتمد ذلك على علاقات العرض والطلب
بينعملتين, إن سعر الصرف الأجنبي, هو سعر وحدة عملة مع وحدة عملة مقابلة
لدولة أخرى, ويعبر عنه بالعملية الوطنية كالدينار العراقي مقابل الدولار أو
الدينار الأردني أوالليرة السورية أو الفرنك الفرنسي مقابل المارك
الألماني، إذ يعبر سعر الصرفالأجنبي. عن كمية الوحدات من إحدى العملتين
التي يتم مبادلتها بوحدة واحدة منالعملة الأخرى, وهناك نوعين من أسعار
الصرف وهي أسعار الصرف الثابتة وأسعار الصرفالحرة.
· أسعار الصرف
الثابتة:تتحدد أسعار الصرف الثابتة في ضوء بعض الأسسالتي تحددها الإدارة
الرسمية في الدولة لتحديد سعر الصرف الثابت ولا تتغير هذهالعلاقة بين
العملتين إلا ضمن هوامش محدودة جداً.
· أسعار الصرفالحرة:تتغير أسعار
الصرف للعملة الوطنية تجاه العملات الأخرى بناءاً علىالعلاقة بين العرض
والطلب على العملة في سوق الصرف الأجنبي ويجري هذا التغير بشكلحر في أسعار
الصرف الحرة.
ب - العوامل المؤثرة في أسعار الصرف:
وتتأثر أسعارالصرف بعدة عوامل ومن أبرزها:
· ارتفاع معدلات الصرف للعملات الأجنبية الأمرالذي يؤدي إلى انخفاض قيمة العملة الوطنية تجاه هذه العملات.
· تراجع الصادراتأو انخفاض أسعارها يؤثر على حجم التدفقات النقدية الداخلة إلى البلد.
·
الحروبوالكوارث الطبيعية المؤثرة في الاقتصاديات الوطنية للدول إذ يؤثر
ذلك في اختلال قوةالاقتصاد الوطني الأمر الذي يؤدي إلى انخفاض قيمة العملة
الوطنية تجاه العملاتالأخرى.
· معدل التضخم: يؤدي ارتفاع معدل التضخم في
الاقتصاديات الوطنية إلىانخفاض قيمة العملة الوطنية تجاه العملات الأخرى،
وبذلك يتأثر سعر الصرف مما يؤديإلى زيادة عدد الوحدات من العملة الوطنية
التي يتم تبادلها بوحدة واحدة من عملةأجنبية مقابلة لها.
· الديون
الخارجية وخدمة الديون: تعد المديونية الخارجيةواحد من الأعباء التي تثقل
كاهل الاقتصاد الوطني فضلاً عن خدمة المديونية المتمثلةبإقساط الفوائد
السنوية وقد تلجأ بعض الدول إلى جدولة ديونها مع الدائنين مقابلفوائد
عالية, الأمر الذي يجعل هذه الدول تسدد الفوائد لا الأقساط الأصلية وهذا
يعنياختلال العملة الوطنية تجاه العملات الأخرى.
· أسعار الفائدة: تؤثر
أسعارالفائدة في أسعار الصرف بشكل غير مباشر, فانخفاض أسعار الفائدة مع
توفر فرصاستثمارية, يؤدي إلى زيادة الطلب على رؤوس الأموال بهدف استثمارها,
ويتحققالاستثمار وينشط الإقتصاد الوطني ويتضاعف الاستثمار لتحقيق متانة
الاقتصادالوطني, مما يؤدي إلى تحسن قيمة العملة الوطنية تجاه العملات
الأخرى. في حين يؤديارتفاع أسعار الفائدة إلى تجنب الاتجاه نحو الاقتراض من
قبل المستثمرين وينتج عنذلك انحسار الاستثمار وينخفض النمو الاقتصادي مما
يؤدي إلى نتائج عكسية تقلل منمتانة الاقتصاد الوطني وينعكس ذلك على قيمة
العملة الوطنية تجاه العملاتالأخرى.
6- العلاقة بين التضخم وارتفاع الأسعار:
إذا
استعرضنا النظرياتالمختلفة التي تحاول أن تفسر التضخم، يمكن أن نقرر أن
أغلب النظريات المعاصرة تحاولتفسير التضخم بوجود إفراط في الطلب على السلع
والخدمات أي زيادة الطلب الكلي علىالعرض الكلي عند مستوى معين من الأسعار.
وهذا
لا يعني تجاهل العوامل الأخرى التييمكن أن تساهم في التضخم. فالنظريات
المعاصرة تشير إلى العوامل التقنية والعواملالنفسية والعوامل التنظيمية
التي يمكن أن تؤدي تلقائياً إلى حدوث تضخم. وتفسيرالتضخم بوجود فائض الطلب
يستند إلى المبادئ البسيطة التي تتضمنها قوانين العرضوالطلب، فهذه القوانين
تقرر أنه - بالنسبة لكل سلعة على حدة - يتحدد السعر عندمايتعادل الطلب مع
العرض... وإذا حدث إفراط في الطلب - فإنه تنشأ فجوة بين الطلبوالعرض، وتؤدي
هذه الفجوة إلى رفع السعر... وتضيق الفجوة مع كل ارتفاع في السعر حتىتزول
تماماً وعندئذً يستقر السعر ومعنى ذلك أنه إذا حدث إفراط في الطلب على
أيةسلعة فإن التفاعل بين العرض والطلب كفيل بعلاج هذا الإفراط عن طريق
ارتفاع الأسعار. وهذه القاعدة البسيطة التي تفسر ديناميكية تكوين السعر في
سوق سلعة معينة يمكنتعميمها على مجموعة أسواق السلع والخدمات التي يتعامل
بها المجتمع فكما أن إفراطالطلب على سلعة واحدة يؤدي إلى رفع سعرها، فإن
إفراط الطلب على جميع السلع والخدمات - أو الجزء الأكبر منها - يؤدي إلى
ارتفاع المستوى العام للأسعار وهذه هي حالةالتضخم.
العلاقة بين التضخم والكساد:
شهد
الإقتصاد العالمي عدة تقلباتوموجات من التضخم والكساد ، تعود في الأساس
إلى عدم مقدرة الأدوات التي تعتمد سعرالفائدة على إدارة النشاط الاقتصادي .
ولعمري فإن علاج هذا الاختلال مفتاحه قولالحق عز وجل: (وكل شيء عنده
بمقدار). ولما كانت المصارف أهم أدوات تنفيذ السياساتالإقتصادية الرامية
إلى تحقيق التنمية الإقتصادية والاجتماعية، فعندما اجتاحتالعالم حالة كساد
كبير حدثت بطالة قاسية فكانت النتيجة مزيدا من المجاعات والبؤس،عندئذ تصدى
العالم (كينز) لدراسة تلك الظاهرة ووضع تعريفا لتلك الظاهرة جاء فيه
أنالكساد أو الركود يعني الهبوط المفاجئ للفاعلية الحدية لرأس المال
بإحداثه نقصا فيالاستثمارات وفي الطلب الفعال. كل ذلك يؤدي إلى عدم التوازن
بين الادخاروالاستثمار، بحيث ينخفض الاستثمار وتقل العمالة، ويقل الدخل،
ويميل الناس إلىالاكتناز، ويتراكم المخزون لدى أرباب العمل، وما إلى هنالك.
أما تعريفاتالاقتصاديين المعاصرين لتلك الظاهرة فأهمها التعريف الذي جاء
فيه: إن مظهر الركودالاقتصادي يتجلى في تزايد المخزون السلعي فيما بين
التجار من ناحية والتخلف عنالسداد للأوراق التجارية والشيكات فيما بين
التجار من ناحية أخرى. وينسب هذانالأمران إلى نقص السيولة وإحجام البنوك عن
تقديم الائتمان بأحجام مناسبة للقطاعالخاص. وعند الاقتصاديين الإسلاميين
القدامى ـ أي الفقهاء ـ نرى ما كتبه أبو الفضلجعفر بن علي فإن لكل بضاعة
ولكل شيء مما يمكن بيعه قيمة متوسطة معروفة عند أهلالخبرة به. فما زاد عليه
عليها سمي بأسماء مختلفة على قدر ارتفاعه، فإنه إذا كانتالزيادة يسيرة قيل
قد تحرك السعر، فإن زاد شيئا قيل قد نفق، فإن زاد أيضا قيلارتقى، فإن زاد
قيل قد غلا، فإن زاد قيل قد تناهى، فإن كان مما الحاجة إليه ضروريةكالأقوات
سمي الغلاء العظيم والمبين، وبإزاء هذه الأسماء في الزيادة أسماء
النقصان،فإن كان النقصان يسيرا قيل قد هدأ السعر، فإن نقص أكثر قيل قد كسد،
فإن نقص قيل قداتضع، فإن نقص قيل قد رخص، فإن نقص قيل قد سقط السعر، وما
شاكل هذاالاسم.
الركود بين الاقتصاديين الوضعي والإسلامي عند (كينز)
هناك تفسير للمرض ـأي الركود الاقتصادي ـ وهناك سبل لمواجهته، وتتلخص
المسالة في رفع مستوى التشغيل،وذلك عن طريق رفع الاستهلاك والاستثمار،
وبالتالي فإن انخفاض سعر الفائدة يمكن أنيفيد في هذا الصدد كما وعلى
الحكومة أن تعمل على إعادة توزيع الدخول وعلى إقامةالاستثمارات العامة، أي
كان تركيزه على السياسة المالية. أضف إلى ذلك بعض التوصياتوالاقتراحات
الهادفة إلى الوقوف في وجه ظاهرة الكساد، منها حلول طويلة الأجل، ومنهاحلول
قصيرة الأجل.
7- أثر التضخم على الموازنة العامة:
إن للتضخم أثر
علىالموازنة العامة وتختلف الوسائل لمعالجة التضخم حسب النظام الاقتصادي
المتبع ففيالاقتصاديات المتخلفة، يتم التركيز على بعض وسائل السياسة
النقدية، مثل سياسة سعرالخصم، وعلميات السوق المفتوحة، وتعديل نسبة
الاحتياطي القانوني، إضافة إلى استخدامبعض وسائل السياسة المالية، مثل فرض
ضرائب على الأغنياء مع إعفاء الفقراءمنها.
وفي الاقتصاديات المتقدمة
يكون التركيز على بعض وسائل السياسة النقدية،كتغيير سعر إعادة الخصم،
واستخدام سياسة السوق المفتوحة، وتعديل نسبة الاحتياطيالقانوني. إضافة إلى
استخدام بعض وسائل السياسة المالية، كالقروض والضرائب، معاستخدام السياسة
الأجرية، أي ربط الأجر بالإنتاجية. إضافة إلى إتباع سياسة القيودالمباشرة،
كتثبيت الأسعار واستخدام نظام البطاقات أي تقنين السلع، ومنحالدعم.
أما الاقتصاد الإسلامي، فقد ركز على بعض الوسائل التي تعالج ظاهرةالتضخم، أهمها:
أ- فرض الزكاة: بحيث تؤدي إلى محاربة البطالة، والتضييق على رأسالمال العاطل.
ب- تنظيم التسعير: بحيث تلغي ظاهرة السوق السوداء، وتحدد الأجوروالأرباح.
ج- الدعوة إلى ترشيد الاستهلاك: وذلك عن طريق تحريم الإسراف والتبذير،وتحريم الاستهلاك الترفي، والتوسط والاعتدال في الإنفاق.
د- تحريم الربا: بحيثتؤدي إلى تصحيح وظيفة النقود، وإلى عدم الإفراط في اشتقاق النقود، وإلى انخفاضتكلفة السلع.
ه-
تحريم الاحتكار: حيث أن الاحتكار يؤدي إلى تكوين شركات احتكاريةوإلى تقييد
العرض وإلى ارتفاع الأسعار، وإلى فساد السريان التلقائي لقانون
العرضوالطلب إذن تبقى مشكلة التضخم ظاهرة طبيعية في الدول المتقدمة، وظاهرة
مرضية فيالدول المتخلفة والنامية.
8- الآثار الاقتصادية للتضخم:
للتضخم آثاراقتصادية مؤثرة في مسيرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية و أبرز هذه الآثارهي:
أ- ارتفاع الأسعار والكتلة النقدية المتداولة:
يترتب
على ارتفاع معدلاتالتضخم ارتفاع في أسعار المواد الاستهلاكية وإنَّ أولى
الفئات المتضررة بهذاالارتفاع هم أصحاب الدخول المحدودة، فضلاً عن وجود
كتلة نقدية كبيرة متداولة فيالسوق وقد تكون هذه الكتلة محصورة بين أيدي
مجموعة صغيرة لا تشكل إلا نسبة ضئيلةجدا من السكان، مما يعكس آثاره
الاقتصادية السلبية على مستويات
المعيشةللسكان.
ب- ازدياد معدلات
التضخم تؤدي إلى خفض القيمة الشرائية للنقد مما يؤديإلى زيادة الطلب على
رؤوس الأموال لتمويل المشروعات المقترحة وزيادة الطلب على رؤوسالأموال يؤدي
إلى ارتفاع أسعار الفائدة.
ج- الحد من الصادرات إلى الأسواقالدولية: إن
ازدياد معدلات التضخم يؤدي إلى انخفاض القدرة التنافسية للمنتجاتالوطنية
في الأسواق الدولية وهذا يسبب زيادة المدفوعات مقابل انخفاض
الإيراداتبالتالي حصول عجز في الميزان التجاري.
د- يؤدي التضخم إلى
زيادة أسعار الفائدةوتبعاً لذلك تزداد أرباح منشئات الأعمال، وتنخفض هذه
الأرباح بانخفاض معدلاتالفائدة، حيث يتم تمويل الموجودات بإصدار سندات
مديونية. في حين لا تسري هذهالخصائص في عدد من المشروعات الصناعية في
الاقتصاديات ذات التضخم المنخفض. بل يحصلذلك في الاقتصاديات ذات المعدلات
العالية للتضخم، إذ يسبب إرتفاع التضخم إرتفاع فيالإيرادات ومعدلات
القائدة. وهي معدلات ليست حقيقية لو تم معالجتها وإعادتها إلىالأسعار
الثابتة.
9- إجراءات الحد من التضخم:
يمكن الحد من التضخم ولاسيمافي الدول المتقدمة بتنفيذ إجراءات السياستين المالية والنقدية:
أ. السياسةالمالية:
·
تضع وزارة المالية السياسة المالية للدولة وبموجبها تتحدد مصادرالإيرادات
واستخداماتها والفائض في الموازنة يؤدي إلى تقليل حجم السيولة
المتاحوبالتالي سيؤدي ذلك إلى خفض معدل التضخم.
· قيام وزارة المالية ببيع حجمالدين العام إلى الجمهور وبالتالي سحب النقد المتوفر في السوق ويؤدي ذلك إلى الحدمن عرض النقد.
· زيادة الضرائب على السلع الكمالية التي تتداولها القلة منالسكان من أصحاب الدخول المرتفعة.
·
خفض الإنفاق الحكومي: يعد الإنفاقالحكومي أحد الأسباب المؤدية إلى زيادة
المتداول من النقد في السوق، وبالتالي فإنالحد من هذا الإنفاق وتقليصه
سيؤدي إلى خفض النقد المتداول في الأسواق.
ب- السياسة النقدية:
تتولى المصارف المركزية (البنوك المركزية) في الدول المختلفةوضع وتنفيذ السياسات النقدية باعتماد مجموعة من الأدوات الكميةوالنوعية:
· الأدوات الكمية:
-
زيادة سعر إعادة الخصم: ومنالنشاطات الاعتيادية التي تقوم المصارف
التجارية بها: خصم الأوراق التجارية للأفرادوفي حالات أخرى تقوم بإعادة
خصمها لدى البنك المركزي وفي هذه الحالة يقوم البنكالمركزي برفع سعر إعادة
الخصم بهدف التأثير في القدرة الإنمائية للمصارف من أجلتقليل حجم السيولة
المتداولة في السـوق
ويعد هذا الإجراء واحداً من الإجراءاتلمكافحة التضخم.
-دخول
المصارف (البنوك المركزية) إلى الأسواق بائعة للأوراقالمالية وذلك من أجل
سحب جزاء من السيولة المتداولة في السوق. أو ما يسمى بدخولالسوق المفتوحة.
-
زيادة نسبة الاحتياط القانوني. تحتفظ المصارف التجارية بجزءمن الودائع لدى
البنوك المركزية وكلما ارتفعت هذه النسبة كلما انخفضت القدرةالإنمائية لدى
المصارف.
· الأدوات النوعية:أما الأدوات النوعيةفإنها تتلخص بطريقة
الإقناع لمدراء المصارف التجارية والمسئولين فيها عن الانتماءالمصرفي،
بسياسة الدولة الهادفة إلى خفض السيولة المتداولة في الأسواق، وهذهالسياسة
فعالة في الدولة النامية بشكل أكبر مما في دول أخرى.
·
معدلاتالفائدة:غالباً ما تقترن معدلات الفائدة بمصادر التمويل المقترضة
سواء أكانتهذه المصادر قصيرة، أم متوسطة، أم طويلة الأجل، إذ يخصص رأس
المال في إطار النظريةالمالية من خلال أسعار الفائدة، وتتفاوت هذه الأسعار
حسب تفاوت أجال الاقتراض،فالفوائد على القروض قصيرة الأجل تكون أقل في حين
تكون أسعار الفائدة على القروضطويلة الأجل مرتفعة بينما أسعار الفائدة على
القروض متوسطة الأجل تكون بين السعرينوتزداد أسعار الفائدة عند تزايد الطلب
على رؤوس الأموال الحاصل عن الرواجالاقتصادي.وقد تتوفر فرص استثمار تشجع
المستثمرين على استغلال هذه الفرصالاستثمارية. ولتوقعات المستثمرين أثر
واضح في زيادة الطلب على رؤوس الأموال، إذتتجه توقعاتهم بأن الحالة
الاقتصادية في تحسن وأن رواجا اقتصادياً سيؤدي إلى توفرفرص استثمارية متاحة
أمام المستثمرين ولذلك يزداد الطلب على رؤوس الأموال وعلى شكلقروض قصيرة
الأجل الأمر الذي يؤدي إلى زيادة أسعار الفائدة القصيرة الأجل بشكل
يفوقأسعار الفائدة على القروض طويلة الأجل خلافاً للقاعدة التي تقول إن
أسعار الفائدةعلى القروض طويلة الأجل أكثر من الفوائد على القروض قصيرة
الأجل. وتتأثر أسعارالفائدة بعدة عوامل يترتب على مؤثرات هذه العوامل أن
يطلب المقرض (الدائن) علاواتتضاف إلى أسعار الفائدة الحقيقية ومن أبرز هذه
العوامل:
· معدلالتضخم:تؤثر معدلات التضخم في تكاليف الإنتاج الصناعية
لمنشآت الأعمال عموماًولذلك يزداد الطلب على رأس المال لتغطية هذه
التكاليف. وكما أشير إليه سابقاً فانانخفاض القوة الشرائية للنقد تسبب
ازدياد الحاجة إلى التمويل. وعلى افتراض أنتقديرات إحدى منشآت الأعمال،
أشارت إلى أن كلفة خط إنتاجي مقترح ضمن خطتها السنويةللسنة القادمة بلغت 10
مليون دينار، وعندما أرد تنفيذ الخط الإنتاجي تبين أن هذاالمبلغ لا يكفي
لتغطية تكاليف إقامة هذا الخط الإنتاجي، بل يتطلب 15 مليوندينار.هذه
الزيادة ناتجة عن ازدياد معدل التضخم وانخفاض قيمة العملة الوطنية،مما أدى
إلى زيادة الطلب على رأس المال وزيادة الطلب هذه، تؤدي إلى زيادة
أسعارالفائدة على التمويل المقترض، إذا تأثر القرارات المالية لمنشأة
الأعمال ولا يقتصرالـتأثير على أسعار الفائدة بل يؤثر التضخم في أسعار
الصرف للعملة الوطنية تجاهالعملات الأخرى، وتنسجم أسعار الفائدة مع معدلات
التضخم. ففي ألمانيا كانت أسعارالفائدة أقل من نظيرتها في الولايات المتحدة
الأمريكية ويعود السبب إلى أن معدلالتضخم في ألمانيا كان أقل منه في
الدولة الأخيرة.
· العرضوالطلب:يزداد الطلب على اقتراض الأموال في
الحالات التي يكون فيها الاقتصادالوطني للدولة في حالة انتعاش ورواج, وذلك
لتوفر فرص استثمارية للمستثمرين وباختلافمستويات العائد والمخاطرة
المتوقعين لأية فرصة استثمارية, يتم اختيارها, ويصاحب هذهالزيادة في الطلب
على الأموال زيادة في أسعار الفائدة، في حين زيادة عرض الأمواليؤدي إلى
انخفاض أسعار الفائدة.
10- الاستنتاجات:
أ- ارتفاع أو انخفاض معدل التضخم سيؤدي إلى ارتفاع معدلات أسعارالفائدة.
ب-
ارتفاع أسعار الفائدة تقلل من إقبال المستثمرين ورجال الأعمال
علىالافتراض, في حين انخفاضها يشجع على الافتراض والاستثمار, مما ينعكس على
مضاعفةالاستثمار ومتابعة الاقتصاد الوطني وتحسن قيمة العملة الوطنية.
ج- تأثر سعرالصرف بمعدلات التضخم, حيث يؤدي ارتفاع التضخم إلى انخفاض قيمة العملة الوطنيةوتبعاً لذلك يتغير سعر الصرف.
د- ثبات أسعار الصرف في بعض الدول وهذا لا ينسجممع الظروف الاقتصادية المتغيرة.
11- الاقتراحات:
أ- تقليص الإنفاق الحكوميبكافة أشكاله ورفع معدل الضريبة على ربحية الأنشطة التي لا تعكس آثار ايجابية علىالاقتصاد الوطني.
ب- تفعيل دور المصارف المركزية (البنوك المركزية) في ممارسةالسياسة النقدية باتجاه التأثير في السيولة المتداولة في السوق.
ج- تفعيل دوروزارة المالية في ممارسة السياسة المالية للتأثير في السيولة المتداولة في الأسواقأيضاً.
د- إتاحة البيانات أمام الباحثين عن معدلات التضخم وأسعار الفائدة وأسعارالصرف الرسمية والموازية تحديداً.
ه- تنشيط دور المؤسسات الإنتاجية لزيادةالإنتاج وتحسين الأداء.
يعتبر
التضخم واحد من أهم مؤشرات الوضع الاقتصاديوالمؤثرات به. وهو مثله مثل أي
حالة أو ظاهرة اقتصادية, لا يعتبر بالضرورة حالة مرضيةإلا بعد أن يتجاوز
حدوده.
وبالعكس أيضاً لا يعتبر انخفاض معدلات التضخم وثباتهعلى معدلات
متدنية حالة صحية بالضرورة، إن قراءة واقع التضخم لاستيضاح ما يشير إليهرهن
الظروف المرافقة له.والمعروف أن التضخم عرض وليس مرض هو مؤشر خلفه تكمـن
حقائققد تكون ايجابية وقد تكون سلبية وبالتالي فإن السيطرة على التضخم قبل
أن يصل مستوىالخطـورة رهن بأسبابه.
منقول